أرشيف المستشار: هل يمكن تحقيق النجاح المالي؟


هذا المقال مأخوذ من أرشيف المستشار صلاح. بينما تبقى النقاط الأساسية وهناك قيمة كبيرة يجب أخذها ؛ يجب أن يدرك القارئ أن المعلومات مثل الاعتبارات واللوائح البيئية قد تتغير في السنوات اللاحقة.

Al Bayan 2

هل يمكن تحقيق النجاح و الأستقلال المالي اليوم ، و كيف؟ هو السؤال الشاغل لمعظم الناس ، و الجواب هو أن النجاح و الأستقلال المالي هو في متناول الجميع علا شرط أن يتم التحكم و السيطرة علي تصرفاتنا المالية و علي أن نعلم و نثقف أنفسنا ماليا و هذا ما سوف نقوم به من خلال مجموعة المقالات الأسبوعية في البيان الغراء.

لنبداء أولا بتفهم بعض المبادىء و المصطلحات و المفاهيم و التصرفات المالية. يعتبر التضخم المالي العامل الرئيسي في تناقص القوة الشرائيه للمال ، فلو نظرنا لعلبة المشروبات الغازية كالكولا مثلا فان قيمتها في السبعينات من القرن الماضي كان خمسة و عشرين فلسا و أصبحت الآن درهما أى أن القيمه الشرائية للدرهم قد تناقصت خلال فترة الثلاثين عاما بحيث أن قيمة الدرهم الشرائيه اليوم تعادل علبة واحدة لاأربع علب في السبعينات. و كثير منا لايعير للتضخم المالي أنتباه ونغفل تأثيرة السلبي علي المال لأن مليون درهم اليوم تتناقص قوتها الشرائيه بعد خمسة عشر عاما لتصبح مثلا سبعمائة ألف درهم و لذا يتحتم علينا بأن نضاعف من مدخراتنا و من التوفير المنتظم و المستمر للمال. و لمحاربة التضخم علينا أيضا بأن نوظف ونشغل و نستثمر المال لا أن نجمده لكي يعطي مردودا أعلي من معدل التضخم لأن المال الموجود في وديعه ذا ريع أو ربحية تعادل 2% يعتبر أستثمارا خاسرا أذا كان معدل التضخم 3.5% لأن القيمة الشرائية لتلك الأموال في حالة تناقص و أنحسار مستمر مما يقلل الموارد المالية المستقبلية. لأعطاء صورة أوضح للتضخم المالي و مفعوله من أحصائيات متوفرة في دول أخرى مثل كندا فالشيىء الذي كان يكلف دولارا كنديا واحدا في سنة 1960م أصبحت تكلفته 5.94$ في سنة 2002م بما يعادل معدل تضخم سنوي و مقداره 2.04%. لو رجعنا الي الوراء الي سنة 1850م في الولايات المتحدة الأمريكية فأن مبلغ ال 45,000$ في ذلك العام يعادل اليوم من ناحية القوة الشرائية المليون دولار. و المليون دولار في سنة 1850م تعادل بقوتها الشرائية اليوم 22$ مليون. و لذا يراعا كثيرا في حسابات و تقديرات الأستثمارات و المدخرات المستقبلية عامل التضخم المالي لكي تتوفر لدينا القوة الشرائية المناسبة و السليمة عند الحاجة مستقبلا.

التوفير و الأدخار المالي يعتبر من الصفات الحميدة لآى مجتمع كان و الحياة بنمطها وطبيعتها الحالية جعلت منا أناسا مستهلكين نتخلص من الدرهم بأية طريقة كأنه ضار أذي بقي في حوزتنا مما يوقعنا في مشاكل مالية و لا يسمح لنا بأمكانية الأستثمار أو أعطائنا المرونة الكافية لأتخاذ قرارات مالية صائبة لعدم توفر المدخرات أو رأس المال الكافىء أو الأصول المطلوبة. لو أخذنا دولة مثل اليابان فأنها تتمتع بأعلي نسبة مدخرات شخصية للفرد الياباني وهي أعلي من أوروبا و أمريكا مما ساهم في تطور و نجاح اليابان الأقتصادي لتوفر رؤوس الأموال الكافية لظهور الشركات الصغيرة و المتوسطة الناجحة و التي مثلت العامل المؤثر الكبير في ذلك النجاح.

هناك أناس يستلم الشخص منهم راتبه الشهري و يقوم بدفع و توزيع الراتب علي جميع الألتزامات المالية كأيجار المنزل و دين البقالة و قسط السيارة و شراء الغذاء و الملبس و الأحتياجات الأخري ليجد نفسه في آخر المطاف صفر اليدين بأنتظار نهاية الشهر لأستلام الراتب التالي لتبداء نفس الدورة  بدون النجاح في تكوين أي أدخار أو توفير. و هناك آخرون يقتطعون و يوفرون قدرا معلوما عند أستلام الراتب و لوضعه في حساب التوفير (ومن الأفضل من خلال أعطاء البنك تعليمات بأقتطاع تلك النسبة شهريا عند تحويل الراتب وتحويلها لحساب التوفير) ويتم التصرف في بقية الراتب بعد ذلك ، أي أنك تدفع لنفسك و لعائلتك أولا قبل الآخرين. و مايتم وضعه في حساب التوفير يجب أن لايزيد عن مجموع راتب ستة أشهر و يستخدم فقط في الأحوال الطارئه عند الحاجة لسيولة نقدية و يتم أستثمار و التصرف ببقية المبلغ حسب أهداف و أحتياجات الشخص المالية. و هناك من يقول بأنه ذو ألتزامات مالية كثيرة و لايتمكن من التوفير بل أن عليه ديون كثيرة. هذا الشخص راتبه اليوم عشرة آلاف و أن زاد غدا الي خمسة عشر ألفا فلن يتمكن نفس الشخص من التوفير لعدم تغير التصرف المالي للشخص و لأنعدام المنهج و السلوك المالي السليم. و لنتذكر المثل الشعبي “مد رجلك علي قد لحافك” أي يجب أن يكون مستوي معيشتك مناسبة لدخلك. ولحل هذه المعضلة علي هذا الشخص أن يجد مخطط مالي أو خبير أستثمار ليتعرف علي وضع الشخص المالي و أهدافه و أحتياجاته المالية و أن يضع خطة مالية يسهل أتباعها. أن لم يتوفر الشخص المالي المؤهل فعلي الشخص أن يقوم أولا بأحضار ورقة و قلم وأن يسجل جميع مصروفاته(أيجار السكن، الماء و الكهرباء و الهاتف و أقساط المدارس و السياره و الملابس و أية مصروفات أخري) و مداخيله المالية(الراتب و عوائد الأستثمار و أية مداخيل أخري)  و أصوله(كالمنزل الذي يملكه و الأثاث و السيارة و أية أصول أخري) ممايسهل معرفة تصرفاتنا المالية ومن أى مجالات الصرف يمكن الترشيد والتوفير و كيفية تمكننا من زيادة المداخيل المالية عن طريق التطور الوظيفي أى الترقية أو أيجاد عمل جانبي يدر دخلا أضافيا أو أعادة النظر في أستثماراتنا توزيعها بطريقة أفضل و أكثر ربحية.

هناك أيضا وسيلة جيدة و متوفرة للجميع تمكننا من التوفير و الأدخار و الأستثمار و هي أن نشتري بعقولنا لا بعواطفنا و أن نقاوم الأغرائات الشرائية  أى أن نشتري ما نحتاج لا مانريد لأن الذي نحتاجه محدود و معروف و مناسب القيمة و ما نريد هو شيء مخيف لأنه مطلق أى لا نهاية له بدأ بالتسلف لشراء الجواهر و أستخدام تسهيلات الأئتمان فوق طاقتنا لدفع ألتزاماتنا المالية حيث أن البعض يدفع أكثر من 80% من راتبه لتلك الألتزامات مع أن المعدل الطبيعي هو ما بين 25% الي 40% و لذا يجب أن تشتري ما تحتاجه أذا توفرت الأمكانيات المالية و الأبتعاد عن الشراء بالدين لأن معدل فائدته مرتفعة جدا(تصل ألي 19%) علي الرغم من أنخفاض معدل الفائدة.

لاتتسلف لتشتري أسهم مهما كانت الأغرائات بل وفر و أدخر لتستثمر ومن الأفضل أخذ أستشارة خبير أستثمار أو خبير مالي و تأكد من أهليته بلأتصال في المصرف المركزي و الدائرة الأقتصادية و لا تقوم بأية تصرفات مالية قبل أخذ رأي خبير آخر لتفادي أحتمال الخسارة المالية.

أشتري بيتا أو شقة و كفاك تأجيرا أو العيش في بيت الآخرين لأنك ان كنت مؤجرا فأنك تدفع قرض المالك السكني لبيت ليس لك فقد آن الأوان خاصة اليوم من حيث توفر الوحدات السكنية المناسبة و مؤسسات التمويل المقرضة بشروط مناسبة و كفاك أنتظارا أو الأعتماد فقط علي الدولة لتوفير وبناء المسكن. و حتي لو أن لديك مسكن خاص بك فلاضير بأن تستثمر في شراء بيت آخر و تأجيرة لأن أكبر أستثمار معضم الناس يقومون به هو شراء المنزل.

تذكر دائما أن مسئولية وضعك و وضع عائلتك المالي هو مسئوليتك أنت أولا و أخيرا و تعتمد علي تصرفاتك و سلوكك المالي وليست هي مسئولية أي طرف آخر فالدولة مثلا توفر جميع الظروف و الأمكانيات لتسهيل نجاحنا و أستقلالنا المالي فهل نتمكن من ذلك؟

 

 

اترك تعليقاً